مرحبًا بكم في موقع طريق العدالة، لدينا أكثر من 20 عامًا من الخبرة

جريمة المضاربة غير المشروعة

euro, seem, currency-447209.jpg

جريمة المضاربة غير المشروعة

euro, seem, currency-447209.jpg

مقدمـــة:

ان جريمة المضاربة غير المشروعة تعتبر بين الجرائم الاقتصادية التي تتعلق بالأموال و تمس بالاقتصاد الوطني والاستقرار الاجتماعي، وتؤثر سلبا على استقرار السوق وانتظامه، وعلى ثقة المتعاملين، فضلا على مساسها بمصلحة المستهلك.

لقد ادت بعض الازمات الاخيرة في الجزائر، كتغير النظام الناتج عن الحراك الشعبي، وانتشار فيروس كوفيد 19، ناهيك عن اندلاع الحروب في بعض الدول و تغير بعض الموازين الاقتصادية الى ظهور العديد من الممارسات الضارة تسبب فيها بعض الأعوان الاقتصاديين والمرتبطة اساسا بتخزين السلع والبضائع وتكديسها، الأمر الذي خلق ندرة في بعض المواد الأساسية كالزيت

والحليب والسكر في الأسواق، ما دفع بالمستهلكين الى الشعور بندرتها وتهافتهم على اقتنائها بشكل كبير، (ولو خارج احتياجه) هذا من جهة، ومن جهة اخرى ارتفاع أسعار هذه السلع والبضائع.

لذا كان لزاما على المشرع الجزائري التدخل من أجل مكافحة وردع هذه الممارسات التي باتت تؤرق المستهلك وتهدد أمن واستقرار المجتمع اين  سن قانونا خاصا بمكافحة المضاربة غير المشروعة ، بدلا من المواد التقليدية في قانون العقوبات، والتي استبدلت بقانون مستقل بذاته، وهو القانون 21-15 المؤرخ في 28 ديسمبر 2021، والذي رصد عقوبات صارمة لمكافحة هذا النوع من الجرائم

 و من خلال هذه الدراسة سنتعرض إلى تحديد مفهوم المضاربة غير المشروعة، والوقوف على صورها، و آليات الوقاية منها و طرق مكافحتها على ضوء القانون المستحدث.

المبحث الأول : الأحكام العامة لمكافحة جريمة المضاربة الغير المشروعة :

المضاربة غير المشروعة : هي كل تخزين أو اقتناء السلع بهدف إحداث ندرة في السوق أو اضطراب في التموين وكل تأثير متعمد في الأسعار للأهداف احتيالية .

المطلب الأول :آليات مكافحة جريمة المضاربة الغير مشروعة :

بعد استقراء القانون 21-15 تبين لنا نوعين من الآليات الأولى اليات مرتبطة بالجهاز المركزي و الثانية مرتبطة بالجماعات المحلية للدولة و الملاحظ أن التطبيق الصارم لها يهدف للحد من انتشار الجريمة .

الفرع الأول : الاليات المركزية لمكافحة جريمة المضاربة الغير مشروعة:

تتولى الدولة إعداد استراتيجية وطنية لـضـمـان التوازن على مستوى السوق، بالعمل على استقرار الأسعار والـحـد مـن المضاربة غير المشروعة قصد الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين ومنع استغلال الظروف بغرض الرفع غير المبرر في الأسعار، ولا سيما منها المواد الضرورية أو المواد ذات الاستهلاك الواسع. (المادة 03 من القانون 21-15) و يكون ذلك خصوصا عن طريق الوزارات و مختلف الادارات المركزية، ويتم ذلك من خلال:

– ضمان توفير السلع والبضائع الضرورية في الأسواق،

– اعتماد آليات اليقظة لاتخاذ الإجراءات الملائمة قصد الحد من آثار الندرة،

– تشجيع الاستهلاك العقلاني،

– اتخاذ الإجراءات اللازمة لدحض تفشي أي إشـاعـات يـتـم ترويجها بغرض احداث اضطراب في السوق والرفع في الأسعار بطريقة عشوائية ومباغتة،

– منع أي تخزين أو سحب غير مبرر للسلع والبضائع لإحداث حالة الندرة بغرض رفع الأسعار. (المادة 04 من القانون 21-15)

– استحداث فرق مشتركة (ضرائب، تجارة ، جمارك) والتي تم تفعيلها بكثرة بعد صدور قانون المضاربة، [1]

– تشجيع الإستثمار في المنتجات الواسعة الاستهلاك وهذا عن طريق منح بعض الإعفاءات من الضريبة على أرباح الشركات والرسم على القيمة المضافة ،[2]

– تكثيف إجراءات الرقابة الجبائية بكل اشكالها خاصة ما تعلق بالمكلفين الذين يتهربون من التصريح بأرقام أعمال حقيقية ، [3]

– إعفاء بعض العمليات الخاصة ببيع مادة الشعير والذرى الموحهة أساسا لتغذية الأنعام من الرسم على القيمة المضافة ، وهو ما كرسته المادة : 30 من قانون المالية 2018 ،

– برمجة بعض النشاطات ذات الصلة بالمضاربة غير المشروعة للتحقيق الجبائي بكل اشكاله سواء ما تعلق بالتحقيق المحاسبي لأربع سنوات سابقة، أو التحقيق المصوب لسنة واحدة ، أو الرقابة على الوثائق .

حرص السلطات على توفير فائض في السلع المعرضة للمضاربة ،

–  توسيع الحملات التحسيسية ودعمها إعلاميا لتوضيح مخاطر وأضرار هذه الظاهرة .

– إستحداث بطاقة وطنية (رقمية ) لضبط شبكة نقل ، وتوزيع ، وتخزين السلع المعرضة للمضاربة

– تقنين أسعار وكذا هوامش ربح السلع الواسعة الاستهلاك .

– محاولة إشراك المجتمع المدني لترشيد استهلاك الفرد ومجابهة الإشاعات المغرضة .

تفعيل قانون المضاربة غير الشرعية ، ضد كل من تثبت إدانته ليكون عبرة لمن تسول له نفسه الإضرار بقوت الشعب .

– تكثيف الحملات الرقابية القاضية بتجنيد جميع الفاعلين من كل القطاعات سواء التجارة ، الجمارك ، الأمن ، الضرائب .

– تكريس ثقافة الفوترة على جميع المعاملات خاصة ما تعلق بالسلع محل المضاربة .

– تخفيف العبء الضريبي على هذه السلع .

– رقمنة وتسهيل قنوات التوزيع من المنتج إلى تاجر الجملة إلى تاجر التجزئة .

الفرع الثاني : اليات مكافحة الجريمة على المستوى المحلي :

مكافحة الجريمة ليست حكرا على الجهاز المركزي بل تجاوزت ذلك لتمنح الدولة الجماعات المحلية و المجتمع المدني و وسائل الاعلام سلطة مكافحتها كذلك .

أولا : البلديات :

تساهـم الـجـمـاعـات المحلية في مكافـحـة المـضـاربـة غير المشروعة ، لا سيما من خلال ما يأتي:

– تخصيص نقاط لبيع المواد الضرورية أو المواد ذات الاستهلاك الواسع، بأسعار تـتـنـاسـب مـع أصـحـاب الدخل الضعيف، خاصة في الأعياد والـمـواسـم والحالات الاستثنائية التي تعرف عادة ارتفاعا في الأسعار،

– الرصد المبكر لكل أشكال الندرة في السلع والبضائع على المستوى المحلي، ولا سيما منها المواد الضرورية أو المواد ذات الاستهلاك الواسع،

– دراسة وتحليل وضعية السوق المحلية وتحليل الأسعار. (المادة 05 من القانون 21-15)

ثانيا : المجتمع المدني و الإعلام :

يسـاهـم الـمـجـتـمـع الـمـدنـي ووسائل الإعلام في ترقية الثقافة الاستهلاكية وتنشيط عملية ترشيد التوعية يهدف عقلنة الاستهلاك وعدم الإخلال بقاعدة العرض والطلب، لاسيما في الأعياد والمواسم والحالات الاستثنائية وتلك الناجمة عن أزمة صحية طارئة أو تفشي وباء أو وقوع كارثة . (المادة 06 من القانون 21-15)

المطلب الثاني :اركان جريمة المضاربة الغير المشروعة :

سنتناول المواد 02 و من 12 الى 23 منه لدراسة هذا الفرع .

الفرع الأول : الركن المادي :

يتحقق الفعل الاجرامي بإتيان الجاني لفعل من الافعال المنصوص عليها في المادة 02 من القانون 21-15 المتعلق بالمضاربة الغير المشروعة بـطـريـق مـبـاشر أو غير مباشر أو عن طريق وسيط أو استعمال الوسائل الإلكترونية أو حتــى مجرد الشروع في إتيانه ، و يقوم الركن المادي على ثلاث عناصر اساسية ترتبط ببعضها البعض و هي :

أولا : السلوك الاجرامي :

1- كل تخزين أو إخفاء للسلع او البضائع : و هي الصورة الأكثر انتشارا  يهدف من خلالها الجاني الى خلق الندرة في السوق و رفع الاسعار .

2– كل رفع أو خفض مصطنع في الأسعار :

و يكون ذلك بتدخل ارادة الجاني لرفع او خفض في أسعار السلع أو البضائع أو الأوراق المـالـيـة بطريقة مصطنعة ، و خفض الاسعار هدفه الاضرار بمنافسين آخرين بغرض الاستحواذ على السوق و الانفراد بالبيع ثم رفع الاسعار بعد ذلك .

3- ترويج أخبار أو أنباء كاذبة أو مغرضة عـمـدا بـين الـجـمـهـور:

هدف الجاني هنا هو إحـداث اضـطـراب في السوق ورفع الأسعار بطريقة مباغتة وغير مبررة، و هي الصور التي واجهتنا منذ جائحة كورونا الى غاية اليوم .

4– طرح عروض في السوق بغرض إحداث اضطراب في الأسعار أو هوامش الربح الـمـحـددة قـانـونـا:

مثلا قيام الجاني باغراء المستهلكين لاجل بيع مواد استهلاكية منتهية الصلاحية او فاسدة و لا سيما أمام انعدم الرقابة في السوق و ندرة بعض المواد الاستهلاكية .

5– تقديم عروض بأسعار مرتفعة عن تلك التي كان يطبقها البائعون عادة :

هدفه الاستيلاء على اكبر كمية منها بغية احتكارها في السوق و بيعها بالسعر الذي يريد ، في هذه الصورة تقوم جريمة المضاربة الغير المشروعة بمجرد رفع السعر دون اشتراط حصول عمليات البيع و الشراء و نص المادة 02 جد صريح في ذلك .

6–  الحصول على ربح غير ناتج عن التطبيق الطبيعي للعرض والطلب:

في هذه الصورة نرى ان التاجر يحصل على ربح غير ناتج عن منافسة تخضع لقانون العرض و الطلب بطريق مشروع ، و الملاحظ أنه حظر المشرع الجزائري في المادة 06 من القانون المتعلق بالمنافسة 03-03 مثل هاته الاتفاقات و هو مثلا اتفاق مؤسستين على البيع بسعر واحد او خفض للاسعار بغية اقصاء منافسين ليست لهم القدرة المالية على مجاراة هذا التخفيض .

7– استعمال المناورات الماسة بمبدأ المنافسة :          

في هذه الصورة يهدف الجاني لاستعمال المناورات التي تهدف إلى رفع أو خفض قيمة الأوراق المالية مخالفة لمبدأ المنافسة الشريفة بغرض الحصول على فوائد غير مشروعة.

ثانيا : النتيجة الاجرامية :

جريمة المضاربة الغير المشروعة تهدف الى المساس :

– بالمصلحة المحمية قانونا ، و هو الضرر الذي يمس الضحية ماديا.

– المساس بقواعد  النظام العام للسوق .

– تهديد مصلحة المستهلك و التجار المنافسين.

ثالثا : العلاقـــة السببية :

لابد لقيام الجريمة وجود علاقة سببية بين جريمة المضاربة الغير المشروعة و الضرر الناجم عنها ، و يخضع ذلك لتقدير قضاة الموضوع الذين مكنهم المشرع من اعمال السلطة التقديرية للفصل في هاته المسألة

الفرع الثاني : الركن المعنوي

إتجاه ارادة الجاني لارتكاب جريمة المضاربة الغير المشروعة عمدا مع علمه بأن الفعل يعاقب عليه و هو ما يسمى بالقصد العام ، أما القصد الخاص هو اتجاه ارادة الجاني لاحداث اضطراب في السوق ما يؤدي الى غلاء في اسعار المواد الاستهلاكية  بغية تحقيق ربح غير ناتج عن التطبيق الفعلي الصحيح لقوانين العرض و الطلب .

 المبحث الثاني : دور القضاء في مكافحة جريمة المضاربة الغير المشروعة:

المطلب الاول : القواعد الإجرائية

                اعتبارا لخصوصية  الجريمة اعترف المشرع لاعوان التجارة و مصالح الادارة الجبائية و الجمعيات الوطنية لحماية المستهلك بالتأسس كطرف مدني في هذه الجرائم (المادة 07 و 09 من القانون 21-15)

الفرع الأول : اجراءات المتابعة :

  • الاعوان المؤهلون لمعاينة و متابعة جرائم المضاربة:

يؤهل لمعاينة الجرائم المنصوص عليها في القانون 21-15 :

للبحث  و التّحري و معاينة جرائم المضاربة غير المشروعة خوّل القانون 21-15  لفئات من ضبّاط الشّرطة القضائيّة و أعوانهم ، و أعوان تابعين لإدارات عموميّة سلطة  القيام بذلك ، كما خصّهم ببعض الإجراءات في مجال القيام بمعاينتها .

1-1- الضّباط و الأعوان المخوّل لهم معاينة الجرائم .

  • فئة ضّباط و أعوان الشّرطة القضائيّة المنصوص عليهم في قانون الاجراءات الجزائية،
  • الأعوان المؤهّلون التّابعون للأسلاك الخاصّة بالمراقبة التّابعين للإدارة المكّلفة بالتّجارة.
  • [4]الأعوان المؤهّلون التّابعون لمصالح الإدارة الجبائيّة.[5]
  • اعمال التحري والمعاينة التي يقوم بها المكلفون بمعاينة و اثبات جرائم المضاربة:

إنّه في إطار ضبط  جرائم المضاربة غير المشروعة ، فإنّ الأشخاص المؤهّلين لمعاينتها يمارسون عددا من الصّلاحيّات التي تكفلها لهم إجراءات مستمدة من القواعد العامة لقانون الإجراءات الجزائية ، و القانون 21-15  تضمن أيضا بعض الإجراءات في مجال تفتيش المحلّات السكنيّة و في مجال التّوقيف للنظر و هي الاختصاصات التي نحاول عرضها تباعا و بشكل مختصر :

     أ- المبادرة المباشرة للتّحري عن جرائم المضاربة غير المشروعة و يكون ذلك بعد إبلاغهم عنها أو ورود إليهم معلومات عن الشّروع في إرتكابها ، و تبعا لذلك يقومون على سبيل المثال بــ :

  • الانتقال إلى أماكن ارتكاب الجرائم .
  • معاينة مسرح أو مسارح ارتكابها ( داخل المحلات و المخازن و المساحات و غيرها) بالقيام بوصفها و جرد الأشياء التي تشكل محلّ الجريمة .
  • ضبط الأشياء محلّ الجريمة و الوسائل المستعملة في إرتكاب الجريمة و كذلك الموارد و الأموال المتحصلة .
  • ضبط الأشخاص المساهمين من فاعلين و شركاء أو محرّضين ، و ضبط  سجلاتهم التجارية.

بعض الاجراءات  الخاصّة الّتي تضمّنها القانون : 21-15 .

  • في مجال توقيف الأشخاص للنّظر :
  • بغض النظر عن أحكـام الـمـادتـين 51 و 65 من قـانـون الإجراءات الجزائية، يجوز تمديد المدة الأصلية للتوقيف للنظر، بإذن مـكتـوب مـن وكيل الجمهورية المختص، مرتين (2) إذا تعلق الأمر بـالـجـرائـم الـمـنـصـوص عليها في هذا القانون بدلا من مرة واحدة كما هو الحال في باقي الجرائم ( المادة 11 من القانون 21-15).
  • في مجال تفتيش المحلاّت السّكنيّة : لوحظ أنّ هذه الجرائم تقع غالبا في المحلاّت التّجاريّة ( محلات ، مخازن ، ورش …) ، كما لوحظ أيضا إمتدادها في بعض الحالات إلى المساكن و توابعها ، من هنا و بغض النظر عن أحكام المادتين 47 و 48 من قانون الإجراءات الجزائية، يجوز تفتيش المحلات السكنية بناء على إذن مسبق ومكتوب صادر عن وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق المختص، في كل ساعة من ساعات النهار أو الليل، قصد التحقيق في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.( المادة 10 من القانون 21-15).
  • في كيفية تحرير المحاضر والتقارير و حجيتها

يتولّى ضبّاط الشّرطة القضائيّة و أعوانهم و الأعوان المعينين في المادة 8 من القانون 21-15 تحرير محاضر و تقارير عن الإجراءات التي يباشرونها أو الأعمال التي ينجزونها في إطار تحريهم و معاينتهم  جرائم المضاربة غير المشروعة ، و أنّ هذا القانون لم يتضمّن أيّة إجراءات أو شكليّات واجبة الإتباع عند تحرير تلك المحاضر و التّقارير ،  و من ثمّـــة فهي تخضع في إعدادها و تحريرها  للقواعد العامّة المعتادة ،  كما ّأنّه لم ينص على أيّة حجية خاصّة بهذه المحاضر و التّقارير  ، و هنـــا يطرح التّساؤل حول قوّتها الاثباتيّة ؟

  • حتى و إن كان القانون 21-15 لم ينص على أيّة حجّية مميّزة للمحاضر و التّقارير المذكورة، فانّها في نظرنا تخضع للحجية النسبية المنصوص عليها في المادّة 216 من قانون الاجراءات الجزائيّة ، و هذا لوجود نصّ قانوني خاص و هو المادّة 09 من القانون 21-15 التي خولت  لضبّاط الشّرطة القضائيّة و أعوانهم و الأعوان السّالف ذكرهم سلطة إثبات الجرائم المذكورة ، و في وجود المادة القانونية المذكورة يصبح للمحاضر و التّقارير التي تحرر في هذا إطار جرائم المضاربة غير المشروعة حجيّة نسبية ،  بحيث لا يمكن إثبات عكسها إلا بالدليل العكسي المحدد حصرا و هما الكتابة أو شهادة الشّهود .

الفرع الثالث : مباشرة الدعوى العمومية :

تحرك النيابة العامة الدعوى العمومية تلقائيا في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون (المادة 08 من القانون 21-15) ، و يمكن الجمعيات الوطنية الناشطة في مجال حماية المستهلك أو أي شخص متضرر، إيداع شكوى أمام الـجـهـات الـقـضـائـيـة والـتـأسيس كطـرف مـدنـي في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون (المادة 09 من القانون 21-15).

المطلب الثاني : الأحكام الجزائية

الفرع الاول : العقوبات على الشخص الطبيعي :

اولا : عقوبة الحبس و الغرامة :

– يعاقب على المضاربة غير المشروعة بالحبس من ثلاث (3) سنوات إلى عشر (10) سنوات وبغرامة من 1.000.000 دج إلى 2.000.000 دج (المادة 12 القانون 21-15)

اذا وقعت الأفعال المذكورة في المادة 12 أعلاه على الحـبـوب ومشتقاتها أو البقـول الـجـافـة أو الحليب أو الخـضـر أو الـفـواكه أو الزيت أو السكر أو البن أو مـواد الـوقـود أو المواد الصيدلانية، فإن العقوبة تكون الحبس من عشر (10) ســنـوات إلى عشرين (20) سنة والغرامة من 2.000.000 دج إلى 10.000.000 دج. (المادة 13 القانون 21-15)

إذا ارتكبت الأفعال المذكورة في المادة 13 أعلاه، خلال الحالات الاستثنائية أو ظهور أزمة صحية طارئة أو تفشي وباء أو وقوع كارثـة، فـإن الـعـقـوبـة تـكـون الـسـجـن الموقت من عشرين (20) سنة إلى ثلاثين (30) سنة والغرامة من 10.000.000 دج إلى 20.000.000 دج(المادة 14 القانون 21-15)

إذا ارتكبت الأفعال المذكورة في المادة 13 أعلاه، من طرف جماعة إجراميـة مـنـظـمـة، فإن العقوبة تكون السجن المؤبد. (المادة 15 القانون 21-15)

ثانيا : الظروف المخففة :

دون الإخلال بأحكام المادة 53 مـن قـانـون العقوبات، لا يستفيد من ارتكب إحدى الجـنـح المنصوص عليها في هذا القانون من الظروف المخففة إلا في حدود ثلث (3/1) العقوبة المقررة قانونا.(المادة 22 قانون 21-15)

ثالثا : الفترة الأمنية :

تطبق الأحكام المتعلقة بالفترة الأمنية المنصوص عليها في قانون العقوبات على الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. (المادة 23 قانون 21-15)

رابعا: العقوبات التكميلية :

– في حـالـة الـحـكـم بـالإدانة بإحدى الجرائم الـمـنـصـوص عليها في هذا القـانـون، يـجـوز مـعـاقـبـة الـفـاعـل بـالـمـنـع مـن الإقامة من سنتين (2) إلى خمس (5) سنوات ويجوز للقاضي أن يحكم بالمنع من ممارسة حق أو أكثر من الحقوق المذكورة في  المادة 9 مكرر  1 من قانون العقوبات اذا كان الحكم بالادانة يتعلق بجنحة منصوص عليها في هذا القانون. (المادة 16 القانون 21-15) ، ويجب على القاضي أن يأمر بنشر حكمه وتعليقه طبقا لأحكام المادة 18 من قانون العقوبات.[6]

يجوز للجهة القضائية، في حـالـة الـحـكـم بـالإدانة بإحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، أن تحكم بشطب السجـل الـتـجـارى للفاعل والمنع من ممارسة النشاط الـتـجـاري وفقا للأحكام المنصوص عليها في قانون العقوبات. ولها أن تحكم بالنفاذ المعجل لهذه العقوبة. كما يجوز لها أن تأمر بغلق المحل المستعمل لارتكاب الجريمة والمنع من استغلاله لمدة أقصاها سنة واحدة (1)، دون الاخلال بحقوق الغير حسن النية. (المادة 17 من القانون 21-15).

تحكم الجهة القضائية في حالة الحكم بالإدانة بإحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بمصادرة محل الجريمة والوسائل المستعملة في ارتكابها والأموال المتحصلة منها. (المادة 18 من القانون 21-15).

الفرع الثاني : العقوبات على الشخص المعنوي :

يعاقب الشخص المعنوي الذي يرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانـون بـالـعقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات. (المادة 19 من القانون 21-15) و قد جاءت كمايلي :

أولا : العقوبات التي تطبق على الشخص المعنوي في مواد الجنايات هي:

الغرامة التي تساوي من مرة ( 1) إلى خمس ( 5) مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على الجريمة.

واحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية الآتية:

– حل الشخص المعنوي،

– غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة لا تتجاوز خمس ( 5) سنوات،

– الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز خمس ( 5) سنوات،

– المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر، نهائيا أو لمدة لا تتجاوز خمس ( 5) سنوات،

– مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها،

– نشر وتعليق حكم الإدانة،

– الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة لا تتجاوز خمس (5) سنوات، وتنصب الحراسة على ممارسة النشاط الذي أدى إلى الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته(المادة 18 مكرر (معدلة بالقانون رقم 06-23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006)

خاتمة

يتبين لنا من الطرح السابق وبشكل جلي وواضح أن المشرع الجزائري كفل مبدأ حماية المستهلك ، حيث جرم مختلف الأفعال التي تمس بمبدأ المنافسة الشريفة من خلال سنه للقانون رقم :21-15 ، وقد شدد العقوبات أين وصلت لحد السجن لمدة 30 سنة ، إضافة لذلك نجد أيضا أن المشرع الجبائي قد شدد في مجابهة ظاهرة المضاربة غير الشرعية من خلال الإمتيارزات الجبائية التي منحها للمنتجين للسلع محل المضاربة مما قد يخفف من هذه الظاهرة التي  أصبحت تهدد الاقتصاد الوطني و الاستقرار الاجتماعي و كذا  الأمن الغذائي الوطني .

ملحق/

بعض المخططات الجمركية والامنية للحد من جريمة المضاربة غير المشروعة:

بالنسبة لادارة الجمارك

تعتبر إدارة الجمارك من القطاعات الهامة في الدولة كونه يعد احــــد الركائز التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني لا سيما الدور الحيوي الذي يلعبه في مسألة الحماية ومراقبة التجارة الخارجية ومكافحة الجرائم الاقتصادية في ظل عولمة الاقتصاد و التجارة الدولية ، كما يقوم بالدور الامني من خلال مكافحة الغش والتهريب و الآفات الكبرى العابرة للحدود (التقليد ،تبييض الاموال ،حماية التراث الوطني….) وكل ذلك لحماية و تطوير الاقتصاد الوطني ، و قد باشرت القيام بمهامها في مجال مكافحة ظاهرة المظاربة في عدة مجالات منها:

1/ المضاربة بمواد لأجل تهريبها:

 تم احباط العديد من محاولات تخزين كميات كبيرة و معتبرة لمواد اساسية مثل الزيت، السميد، الفرينة، السكر…………الخ و التي كانت مهيأة للمتاجرة الغير مشروعة والمضاربة بهدف زعزعة السوق عن طريق تهريبها، و أغلب المواد التي يتم المضاربة بها هي مواد حساسة للغش و بالتالي فعندما تكون جريمة مضاربة تندرج عنها تلقائيا مخالفة جمركية طبقا لقانون الجمارك.

2/ المضاربة ببضائع مصدرها التهريب:

إن المواد المخزنة او المنقولة و التي لا يحوز مالكوها على الوثائق الثبوتية اللازمة تعتبر تهريبا، وبناء على ذلك تحرر ضد اصحابها مخالفات جمركية طبقا للمواد 220- 226- 324 من قانون الجمارك و الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب، وفي أغلب الأحيان تكون البضائع المهربة مدونة في قائمة البضائع الحساسة القابلة للتهريب .

3/ المضاربة بمواد وبضائع واقعة تحت امتياز جمركي :

وهذا معناه استيراد البضائع التي استفادت من امتيازات في اطار احد الانظمة الجمركية الاعفائية وهذا ما يسمى (الاستيراد المؤقت من اجل تحسين الصنع) [7]وهذا ما ينجر عليه مخالفة جمركية تتعلق بتحويل بضاعة عن مقصدها الامتيازي طبقا للمادة 325 الفقرة د من قانون الجمارك.

بالنسبة للممخططات العملياتية لمصالح الأمن الوطني في مكافحة المضاربة غير المشروعة.

       حرصت المديرية العامة للامن الوطني على التطبيق الفعلي لمحتوى القانون الخاص بمكافحة المضاربة غير المشروعة من خلال اتخاذ كل الاجراءات العملياتية من بينها:

  • تنصيب خلايا اليقظة على مستوى مصالح امن كل ولاية مع تكفل كل مصلحة حسب طبيعة مهامها بعمليات كشف و رصد مبكر لكل أشكال الندرة في مختلف السلع و البضائع في قطاع الاختصاص.
  • متابعة و رصد كل المناشير المروجة للأخبار و الأنباء الكاذبة أو المغرضة بين الجمهور الهادفة إلى احداث اضطراب في السوق و رفع الاسعار بطريقة مباغتة وغير مبررة .
  • تسطير برامج عمل للفرق العملياتية و بالتنسيق مع كل الشركاء الأمنيين ، أعوان المراقبة التجارية بخرجات ميدانية تحسيسية بالدرجة الأولى ثم ردعية بالدرجة الثانية.
  • تفعيل الجانب الاستعلاماتي لاسيما في معرفة أسباب ندرة بعض المواد الاستهلاكية في السوق المحلية في بعض الحالات و من ثم التنسيق مع مصالح التجارة لاتخاذ الإجراءات المناسبة في حينها .
  • العمل على تحديد المتسببين في مثل هذه الجرائم لاسيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهذا بالاستعانة بالفرق المتخصصة بمكافحة الجرائم المعلوماتية .

بالنسبة لمصالح الدرك الوطني

تسهر وحدات الدرك الوطني على تطبيق القوانين المتعلقة بمكافحة مختلف أشكال المضاربة الرامية في الأخير إلى توفر السلع وحماية المستهلك، و  يندرج ذلك في مهام الشرطة الاقتصادية، وبالتنسيق على جميع المستويات مع ترجيح الدور الوقائي ثم المواجهة والمكافحة من خلال إجراءات ردعية يتم من خلالها رفع المخالفات وفقا للنصوص القانونية التي ترمي إلى وضع حد للمارسات التجارية غير النزيهة المخالفة للقوانين وتقديم المتورطين أمام الجهات القضائية، وهذا اعتمادا كذلك على الآليات الآتية:

أ/شرطة الطرقات:

شرطة الطريق إحدى المهام الرئيسية للدرك الوطني، يمكن استغلالها في الجانب الوقائي لحماية المستهلك، عن طريق المراقبة والسيطرة على شبكات الطرق وهذا بمراقبة شروط نقل البضائع والسلع و المواد الإستهلاكية، مع مراقبة مختلف الوثائق الإدارية التي يشترط توفرها عند نقل السلع التأكد من مطابقة الوثائق الإدارية المختلفة للسلع المنقولة، وكذا الرخص الضرورية الواجب توفرها.

ب/حراسة الحدود:

يمارس الدرك الوطني مهام الدفاع عن التراب الوطني والحفاظ على المعالم الحدودية في إطار مهمة الدفاع الوطني ومكافحة الجريمة المنظمة بمختلف أشكالها خاصة التهريب ، خاصة نحو الخارج والذي عادة ما يستهدف المواد ذات الإستهلاك الواسع مما يخلق ندرة في المواد الإستهلاكية خاصة تلك المدعمة وذات الإستهلاكية الواسع. هذا ما يستبلزم التواجد المستمر في الميدان في تنفيذ مختلف المهام المنوطة بوحدات حراس الحدود.

ج/ زيارة المحلات التجارية:

تقوم وحدات الدرك الوطني المؤهلة بزيارة المحلات التجارية بغرض التأكد من حيازة الرخص الممنوحة من طرف السلطات الإدارية في مجال العرض والبيع، مع التأكد من عدم التخزين غير المشروع للسلع والمواد ومراقبة أسعارها، مدى مطابقتها للمواصفات التنظيمية وشروط النظافة، إضافة إلى التأكد من مطابقة الوثائق الإدارية للمهني مع النشاط الممارس، مراقبة السجلات التجارية، كما يتم أيضا الإطلاع على شرعية عمليات البيع من خلال مراقبة الفواتير.

ه/مراقبة الأسواق:

إن مراقبة الأسواق من أهم النشاطات التي تسمح بحماية المستهلك كون أن السوق يعد المكان الوحيد الذي تتجمع فيه كمية هائلة من مختلف المنتجات والسلع الاستهلاكية، التي يتم تداولها بين البائع والمشتري.

 حيث تتولى وحدات الدرك الوطني مراقبة امتلاك التجار للسجلات التجارية ومطابقتها للنشاط التجاري الممارس، مراقبة أسعار المواد الإستراتيجية التي تخضع للتنظيم، مراقبة شفافية ونزاهة الممارســــــات التجارية، مراقبة تطبيق شروط ممارسة الأنشطة التجارية، وكل الأعمال التي من شأنها خلق وضع يسمح باحتكار السوق لصالح أحد الأطراف من المتعاملين الإقتصاديين، مراقبة صلاحية الموازين و مختلف أدوات القياس المستعملة في عملية البيع.

[1] – رغم سبق النص عليها بموجب المرسوم التنفيذي رقم 97- 290‏ المؤرخ في 22 ‏ربيع الأول عام 1418 ‏ الموافق 27 ‏يوليو سنة 1997‏ يتضمن تأسيس لجان التنسيق والفرق المختلطة للرقابة بين مصالح وزارة المالية ووزارة التجارة وتنظيمها.

[2]  على سبيل المثال ما جاء به قانون المالية لسنة 2022 في المادة : 35 منه  والمتعلقة بمنح إعفاء دائم من الضريبة على أرباح الشركات على المداخيل المحققة من النشاطات المتعلقة بالحليب الطازج الموجه للاستهلاك على حالته ، ونجد أيضا أن المشرع الجبائي قد بسط بعض إجراءات التصريح الخاصة بعمليات البيع التي يقوم بها المكلفون بالضريبة التابعين لنظام الضريبة الجزافية الوحيدة كتحديد هامش الر بح الإجمالي المتعلق بالمنتجات ذات هاش ربح محدد بموجب التنظيم المعمول به ، كأساس خاضع للضريبة بموجب أحكام المادة : 282 مكرر02 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة.

[3]  إذ أنه من خلال عمليات الرقابة التي تقوم بها الإدارة الجبائية نجد أن نسبة كبيرة من المكلفين الذين يمارسون هذا النوع من المضاربة مسجلون في قائمة المتهربين الجبائيين وهذا نتيجة لعدم تعاملهم بالفوترة في جميع الأنشطة التي يقومون بها .

[4] –  و هم أعوان محلفون يتولّون بالإضافة إلى معاينة هذه الجرائم ، القيام بالتّحقيقات و المعاينات في الجرائم المنصوص عليها في القانونين  04-02 المتعلّق بشروط ممارسة الأنشطة التّجاريّة و 04-08 المتعلّق بالقواعد المطبّقة على الممارسات التّجاريّة .

[5] – و هم أعـــــوان محلّفـــون أيـضا ورد النص عليهم في المادة 318 من قانون الإجراءات الجبائية و 62 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة. 

[6] – ( المادة 18 من قانون العقوبات  (معدلة بالقانون رقم 06-23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006):للمحكمة عند الحكم بالإدانة أن تأمر في الحالات التي يحددها القانون بنشر الحكم بأكمله أو مستخرج منه في جريدة أو أكثر يعينها، أو بتعليقه في الأماكن التي يبينها، وذلك كله على نفقة المحكوم عليه، على ألا تتجاوز مصاريف النشر المبلغ الذي يحدده الحكم بالإدانة لهذا الغرض، وألا تتجاوز مدة التعليق شهرا واحدا ،  (الفقرة 02 منه ) يعاقب بالحبس من ثلاثة (3) أشهر إلى سنتين (2) وبغرامة من 25.000 دج إلى 200.000 دج كل من قام بإتلاف أو إخفاء أو تمزيق المعلقات الموضوعة تطبيقا للفقرة السابقة كليا أو جزئيا، ويأمر الحكم من جديد بتنفيذ التعليق على نفقة الفاعل

[7]  –  بمعنى اخر استيراد مادة اساسية تستفيد من امتياز جمركي قصد اعادة تصنيعها واعادة تصديرها إلا انه لا يتم المسار هكذا و انما يتم استغلال منح الامتياز الجمركي لادخال المادة الاساسية الى الوطن الا انه لا يتم تصنيعها ولا يتم اعادة تصديرها بل يتم المضاربة بها في الاسواق الوطنية ،وكمثال: استيراد القمح من اجل صنع احد العجائن مثل الكسكس او المقرونة……..الج واعادة تصديرها الى الخارج ،الا انه يكتفي المستورد بادخال القمح والاستفادة من الامتياز الجمركي ولا يكمل بقية العملية .

طريق العدالة

طريقك نحو تعلم القانون

تجد على موقعنا احسن المواضيع المتعلقة بالقانون

Toufik Ben

منوعات قانونية
إعلان

تطبيق مجمع القوانين الجزائرية على هاتفك

يمكنك استعمال هذا التطبيق على هاتفك
التصنيفات

شارك المعرفة

Share on facebook
Share on twitter

مقالات ذات صلة

error: Content is protected !!